بقلم : يحيى رباح
هناك جهود إقليمية و دولية تبذل لمنع الانفجار في المنطقة، أو تقليل حجم هذا الانفجار، أو تأجيله على الأقل لحين نمو وتطور عوامل جديدة، و لكن السؤال هو، هل تنجح هذه الجهود الإقليمية و الدولية الاتفاق الذي توصلت إليه كل من تركيا و البرازيل مع إيران حول تخصيب اليورانيم الإيراني في الخارج عبر تركيا، كان جزءاً مهماً من هذه الجهود التي تبذل لإبعاد شبح الحرب، ذلك أن الملف النووي الإيراني هو أحد المفاصل الرئيسية التي تسكن فيها احتمالات الحرب في المنطقة وحاولت المنطقة أن تتنفس الصعداء حين تم التوقيع على الاتفاق في طهران بطريقة احتفالية مبالغ فيها، وبعض الأطراف العربية رحبت بالدور التركي، مع أن هذا الدور التركي و الدور الإيراني، كان محل قلق، و خوف، رفض حين كانت إسرائيل تنادي على لسان شمعون بيرز ببناء الشرق الأوسط الجديد، الأوسع من المصطلح القديم، الشرق الأوسط الذي تكون فيه إسرائيل قطباً مع أقطاب غير عربية مثل تركيا و إيران، و لكن الأشياء نسبية، و ضرر قليل ربما يكون أفضل من ضرر كبير، ثم أن موازين القوى هي التي تحكم في نهاية المطاف.
و لكن أجواء الاحتفال بالتوقيع على الاتفاق الثلاثي بين تركيا والبرازيل و إيران لم تدم طويلاً، حيث ان الموقف الأميركي، و الأوربي، و الدولي المرحب بالاتفاق يريد ملء الفراغات الكثيرة على حد تعبير هيلاري كلينتون، و لكن الجهود الإقليمية و الدولية لا تتوقف، فهناك جهد سعودي اوروبي، و هناك جهد مصري إسرائيلي تمثل في زيارة الوزير عمر سليمان إلى تل أبيب و لقائه مع وزير الدفاع باراك، و هناك زيارة سعد الحريري للولايات المتحدة ولقاءاته الواسعة مع كل أطراف القرار الأميركي، و هو يطلب الطمأنينة للبنان في مواجهة التهديدات.
و لكن الحرب ما تزال تسكن المنطقة، و عوامل و حوافز انفجارها كثيرة، و النبرة العالية التي يتحدث بها الإسرائيليون سواء بالكلام أو المناورات أو الطلعات الجوية للمراقبة، أو الاستفزاز الصغير هنا و هناك، لا تعطي القدر الكافي من الاطمئنان!!! كما أن النبرة التي تحدث بها أمين عام حزب الله حسن نصر الله تدور في الفلك نفسه، و خاصة أن ثلاثية الجيش و الشعب و المقاومة التي يستند إليها حزب الله في لبنان على اعتبار أنها جزء من بيان حكومة الوحدة الوطنية، لم تجد التسليم بها من كافة الأطراف اللبنانية التي احتفلت قبل يومين بذكرى التحرير، أي الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من لبنان عام 2000، و لكن كل طرف احتفى بالذكرى على طريقته الخاصة.
و إذا ذهبنا أبعد من ذلك بقليل فاتهام سوريا بتزويد حزب الله بصواريخ سكود لا يزال قائماً حتى و إن لم يقم أحد بتقديم الدليل الدامغ!!! و الوضع في العراق يتعقد، و جهود تشكيل الحكومة لا تتقدم بالنجاح المطلوب، مع أن موعد انسحاب القوات الأميركية من العراق يقترب.
حين تفشل جهود الدبلوماسية في صياغة معادلات ترضي جميع الأطراف عبر توازن المصالح كل على قدر حجمه، فإن الحرب، و هي سياسة بطرق عنيفة، تكون مطلوبة جداً لصياغة المعادلة المطلوبة، وقبل أن تتبلور هذه المعادلة، فإن الحرب تظل موجودة، تسكن المنطقة، مزروعة في العديد من المفاصل، و قابلة للانفجار في أي لحظة.
في هذا السياق، جاء السلوك الإسرائيلي التصعيدي و القاسي ضد شمال و جنوب قطاع غزة فجر أمس، حيث الخسائر البشرية و المادية كثيرة، ربما للتذكير بان قطاع غزة تحت المراقبة الدموية، و ربما للتذكير بان استعراض سفن التضامن القادمة من الموانئ التركية لم يأخذ الموافقة الكاملة، و ربما لأن إسرائيل لديها ترتيبات قريبة من حدود قطاع غزة، و لا تريد لحماس أو الجهاد أو أي طرف آخر مراقبتها، ولذلك لجأت إلى هذا التصعيد الدموي!!!
كل الاحتمالات واردة، و مادامت الحرب تسكن المنطقة، فإنهاتفرض نفسها كضيف ثقيل و مأساوي في أي لحظة، فهل الاستعصاءات القائمة في كل الملفات تتطلب